أنواع سحر التفريق
أنواع سحر التفريق
أنواع سحر التفريق شاكلها من تخييل، كالسيمياء، والنيرنجيات، وسحر الأغتام، وسحر الأدوية والتدخينات، كل ذلك وإن عمل عمل السحر في التخييل وإيقاع الضر إلا أنه لا يسمى سحرًا حقيقة، بل مجازًا، ومن باب أولى في ذلك أن يكون سحر الاستمالة والبيان والعِضَهِ تخييلاً لا حقيقة، والله أعلم.
ثالثًا: أنواع السحر من حيث أثره على المسحور.
قسّم بعض المصنفين المعاصرين (١) السحر باعتبار تأثيره إلى أقسام عديدة، منها:
١- سحر التفريق وهو المسمّى (الصرف)
وهو: عمل السحر للتفريق بين الزوجين، أو لبثِّ البغض والكراهية بين صديقين أو شريكين. قال تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} .
وفي الحديث: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمَهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ» (٢) .
ويدخل في سحر التفريق، سحر الرَّبْط (العَقْد أو العَصْب) ، ويسمى بالصَّرْف، وله صور عديدة، منها: الحِسِّي، كأن يؤخذ الرجل عن زوجته فلا يستطيع جماعها إما بعُنّة يجدها عند إرادة الجماع، وإما بحدوث قذف
أنواع سحر التفريق
(١) منهم الشيخ وحيد عبد السلام بالي، في كتابه «الصارم البتار» وقد استفدت هذا المبحث من كتابه القيم، ومنهم ماهر كوسا، في كتابيه: فيض القرآن، والسيف الفالق، وقد أوصل هذه الأنواع في الباب الرابع من الكتاب الأخير إلى ثمانية عشر نوعًا، ومنهم أيضًا: إبراهيم عبد البر في كتابه الرد المبين في الباب الثاني منه، وغيرهم.
(٢) سبق تخريجه ص٢٤، بالهامش ذي رقم (١) .
مما أنزل على الملكين هاروت وماروت فيها، أو مما تقولت به الشياطين على سبب ملك سليمان، مما يؤثر – بإذن الله الكوني – تفريقًا أو تحبيبًا، لكن هذا النوع من السحر قد دَرَس العلمُ به، وكادت المعرفة به أن تكون مستحيلة، لكن إن وجدت، ووجد
من علمها، فإن خطرها يبقى هو الأكثر ضرًا من بين أنواع السحر، لذا فقد ذُكِر هذا الأثرُ في كتاب الله وفي سنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وهو غاية ما يقتدر عليه ساحر أثيم، ولا ينحل أثر ذلك إلا برقى مشروعة، من أعظمها تلاوة المعوذتين، وقول التعوذات النبوية الكريمة. ولو أنك تأملت سائر أنواع السحر من بعد ذلك لوجدتها أسحارًا معتمدة على تنجيم وطلسمات –
في تمائم وأحجبة – وعزائم مسخرة وعهود شيطانية، واستعانة بهم في إحداث وسوسة أو مس، أو دلالة على مسروق ونحوه، أو كانت معتمدة على كلام معجم حوى كفرًا، أو اعتمدت على تركيب خواص أرضية أو أدوية أو تدخينات، أو كانت تخييلاً
أنواع سحر التفريق
وعلى ذلك كله نجد أن تقسيم العلاّمة ابن خلدون رحمه الله السحر إلى تلك المراتب الثلاثة التي سبق ذكرها، يمكن إدراج جميع أنواع السحر فيها بما يمايز بينها، ويزيل اللبس عن مفهوم السحر، فيكون السحر المؤثر بهمة الساحر وتصفية نفسه مع قوله رقى ضارة أو نفث في عقد، أو تصوير المسحور، هو من مرتبه السحر الحقيقي بغير مُعين، وكذلك سحر الطلسمات
والتنجيم بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانيتها المزعومة، والعزائم المسخرة على خواص حقائق بعض الموجودات، وكذلك سحر الهيمياء بآثار الخصائص السماوية – بزعمهم – والكهانة بأنواعها، كل ذلك سحر على الحقيقة لكن بمعين، وتكون الشعوذة وما
أنواع سحر التفريق
١٢- … سحر الهيمياء، أو سحر بآثار الخواص السماوية.
١٣- … سحر التَّنْبَلة، أو سحر تعليق القلب، بادعاء معرفة اسم الله الأعظم، وطاعة الجن للساحر بذلك.
١٤- … سحر بالاستعانة بخواص الأدوية المبلِّدة، أو التدخينات المُسكِرة.
١٥- … سحر تخييل الباطل في صورة الحق، ومنه سحر البيان، وسحر العَضْهِ، وهي النميمة بالقالة بين الناس.
١٦- … سحر الكهانة بادعاء معرفة شيء من الغيب، بالاستعانة بزجر الطير، أو الخط بالأرض، أو الضرب بالحصى، أو حساب الطالع ونحو ذلك مما يفعله الدجاجلة وما أكثرهم.
١٧- … سحر استمالة النفس، ومنه سحر العيون، وسحر الطبيعة ونحو ذلك.
١٨- … سحر بالجمع بين الاستعانة بالشياطين بالتقرب إليهم، ومخاطبة الكواكب وعبادتها.
١٩- … سحر بتصوير الصورة على صورة المسحور، – وهو المسمّى بالشِّعْباذ – وقد يغرز فيها أبر ونحو ذلك.
أخي القارئ، تلك جملة من أنواع السحر، تدلّك بحالها على كثرة الأنواع المختلفة الداخلة فيه، وأن قَدْرًا مشتركًا بينها جميعًا لا يتحقق، بما يفسر اختلاف عبارات العلماء في تعريف السحر اصطلاحًا جامعًا لأنواع مانعًا لغيرها، لكن مع ذلك فإنه يمكن تقرير أن جميع أنواع السحر لا بد فيها من همة وإرادة نفس بشرية قوية تؤثر بنفسها، أو بمعين لها، أو تقدر على التخييل في نفس الرائي أو في هيئة المرئي، وأن خطر هذا السحر يكون بالترتيب السابق، فما كان باقتدار النفس فقط فهو الأعظم خطرًا، ومنه السحر بعقد خيوط والرَّقْي عليها ثم النفث بها، ومنه كذلك سحر أهل بابل